وفرت بيوت القهوة مكان مثالي الالتقاء والتحدث والتجارة في القرن السابع والثامن عشر، حين عرف المسافرون إنجلترا على القهوة في حين كانت تستخدم في أغراض طبية فقط، قدمت بيوت القهوة الإنجليزية الشاي وبعض الوجبات الخفيفة ايضاً.
الأصل
عرف الأوربيون القهوة من المسافرين الآسيويين، ودائماً ما وصفت القهوة بالمشروب أسود اللون الذي يعطي الطاقة للجسم ويشربه الرجال دون إبداء أي علامات عن رغبة النوم ولكن يختلف عن عصير العنب المخمر.
بدأت ثقافة شرب القهوة في الانتشار بين الأوروبيين وأصبحت جزءاً من العادات اليومية لهم، كان السير فرانسيس موهوباً إنجليزياً وكانت رؤيته في تحسين المعرفة الإنسانية عن طريق تجميع المعلومات عن العالم الطبيعي وكانت له الكثير من الدراسات حول القهوة.
ساهمت الأبحاث في اكتشاف الكثير من خصائص القهوة وفوائدها الطبية التي قد تساهم في علاج بعض الأمراض ولكن تمتلك القهوة عدة آثار جانبية أيضاً مما يعني أن استخدامها يجب أن يكون مبني على علم ودراسة.
بيوت القهوة في أكسفورد
شكلت أكسفورد المكان المناسب لانتشار بيوت القهوة حيث كانت المكان المخصص للكثير من الدارسين مما أعطى بعداً أخر لاستخدام القهوة كمشروب بالإضافة إلى استخداماتها الطبية.
افتتح رائد الأعمال جيكوب أول بيتاً للقهوة في أكسفورد عام 1650 ثم بدأ الأمر في الانتشار خلال فترة الخمسينات.
كانت بيوت القهوة مكان تجمع للناس من مختلف المستويات الإجتماعية، كل من يمتلك قرشاً يمكنه الذهاب إلى بيت القهوة، جمعت بيوت القهوة الكثير من الطلاب الذين جلسوا لساعات قد تكون أكثر من الساعات التي يقضونها في الكلية لمناقشة مواداً علمية والتحدث عن أمور مشتركة.
اختلفت بيوت القهوة عن الحانات التي تردد على العامة لشرب الكحوليات حيث كانت بيوت القهوة مخصصة للموهوبين والمثقفين.
بيوت القهوة في لندن
انتقلت ثقافة بيوت القهوة من أكسفورد إلى لندن سريعاً، أسس Daniel Edwards أول بيت قهوة في لندن في عام 1652، أصبحت بيوت القهوة جزء لا يتجزأ من الثقافة والعادات اليومية، افتتح ثاني بيت قهوة في لندن في عام 1656 وسمي Temple Bar.
لم تكن هناك الكثير من الأدلة حول تردد العامة على بيوت القهوة في لندن في ذلك الوقت بسبب المنافسة مع الأماكن الأخرى حتى بدأ أعضاء Harrington’s Rota Club التجمع في أحد بيوت القهوة المسمى Turk’s Head لمناقشة أمور سياسية وفلسفية مما جعل شهرة بيوت القهوة تتصاعد أكثر فأكثر.
امتلكت المقاهي الإنجليزية طابع خاص خلال ذروة شعبيتها التي امتدت من عام 1660 حتى نهاية القرن الثامن عشر على الرغم من حدوث مشكلتين خلال سنوات شعبيتها.
مثل وباء عام 1665 بالإضافة إلى حريق لندن العظيم الذي تلاه عام 1666 المشكلتين، وعلى الرغم من ذلك لم تتضاءل شعبية المقاهي وظل الأفراد يمضون الوقت في المقاهي المفضلة ولكن مع وجود بعض الريبة والحرص على التأكد من عدم إصابة أحد الحضور بالوباء.
التزم الجميع بأداب الحديث والأخلاق أثناء التواجد داخل بيت القهوة حتى في النقاشات السياسية كان الجميع يتحدث طبقاً لقواعد المكان.
لبت المقاهي المختلفة احتياجات مجموعة من الأفراد الذين ناقشوا مجموعة معينة من الموضوعات مما يوضح الطبيعة المختلفة للأفراد في إنجلترا في ذلك الوقت خاصةً عندما وصلت المقاهي ذروة شعبيتها.
كانت المقاهي المعروفة باسم جامعات بيني تلبي احتياجات مجموعة من الفنون النبيلة وعملت كمركز بديل للتعليم الأكاديمي وشملت دروساً في الفرنسية والإيطالية واللاتينية والرقص والمبارزة والشعر والرياضيات وعلم الفلك، عملت المقاهي الأخرى كمركز للتجمع الاجتماعي للرجال الأقل علماً، وتبين كل هذا خلال ملاحظة شكل وديكور المقاهي بعد الترميم.
القواعد
نشرت قواعد المقهى عام 1674 وكانت تنص على المساواة بين جميع الرجال لا يوجد اختلاف طبقي بين المترددين على المقهى وعلى وأن المكانة الاجتماعية يجب تجاهلها.
يمكن لأي شخص المشاركة في المحادثة بغض النظر عن الطبقة أو الرتبة أو الميول السياسية، أما إذا أقسم أحد، يجب عليه التنازل عن اثني عشر بنساً.
يجب على المخطئ شراء فنجان قهوة إلى من أساء في حالة حدوث شجار، ممنوع الحديث عن المقدسات ووجدت قواعد ضد الحديث السيئ عن الدولة وكذلك الكتب الدينية وكذلك منعت القواعد ألعاب الحظ، مثل الورق والنرد ولكن في الحقيقة لم يكن هناك تنظيماً واضحاً لتلك المحظورات.
أسواق القهوة
ذاع تناول الكحوليات في القرن السابع عشر ووفر ذلك سوقاً بسبب تأثيرها المعاكس وسهل ذلك التوسع لسوق القهوة في ذلك الوقت.
بيوت القهوة والأخبار
كانت بيوت القهوة مركزاً رئيسياً لانتشار الأخبار حيث استخدم الكثير من الكتاب بيوت القهوة كمكان لكتابة الأخبار وطباعة الجرائد التي كانت موجودة باستمرار ومتاحة لرواد المكان.
كانت بيوت القهوة أبضاً مكان لمناقشة الأحداث من خلال تصفح الجرائد أو الحديث مع الكتاب ونقل الشائعات ومعرفة أي حدث في وقته.
بيوت القهوة وعصر التنوير
يوجد خلاف واسع حول مساهمة القهوة في عصر التنوير، يعتقد البعض أن المقاهي وفرت مكاناً لعرض الأفكار وانتشارها بين جميع طبقات المجتمع.
يعتقد البعض أن الأفكار التنورية انتشرت من خلال المواد المطبوعة مما يرجح أيضاً دور المقاهي في هذا الأمر حيث وفرت الكثير من المواد المطبوعة مثل الصحف والمجالات لروادها.
دور المرأة في بيوت القهوة
يختلف المؤرخون حول دور ومشاركة المرأة داخل المقهى الإنجليزي، يشار أحياناً لمنع النساء من المشاركة في نشاط المقاهي حيث كانت المحادثات تدور حول القضايا التي تركز على الذكور مثل السياسة والأعمال التجارية والنقد الثقافي والتي لم يكن من المفترض أن تهم بها النساء ولهذا كانت مشاركتهم داخل المقاهي غير مرحب بها.
كانت الشكاوى ضد المقهى من النساء وكذلك ضد استهلاك القهوة فيما يسمى عريضة النساء ضد القهوة، وكان الاعتراضات تتمحور حول تأثير القهوة على الرجال بتحويلهم لأشخاص غير مثمرين مثل الصحاري الرملية.
يوجد بعض الحالات التي سُمح فيها للمرأة التواجد في المقهى، مثل أوقات التجارة أو إقامة المزادات داخل المقهى، ولكن يوجد عدة مقاهي كانت ملكاً لنساء مما يثبت مشاركة المرأة بطريقة أو بأخرى في هذا العالم.
تراجع بيوت القهوة الإنجليزية
اختفت المقاهي بالكامل تقريباً قرب نهاية القرن الثامن عشر، يقدم المؤرخون مجموعة واسعة من الأسباب لتراجع المقاهي الإنجليزية مثل التركيز على المساعي التجارية وتطور النادي والسياسة الاستعمارية كذلك احتكار ثقافة الأخبار وتأسيس جريدة المقاهي باعتبارها الشكل الوحيد للأخبار المطبوعة المتاحة.
بدأ الشاي في الانتشار أكثر من القهوة بسبب المنافسة على القهوة نتيجة لانتشارها في مختلف أنحاء أوروبا في ذلك الوقت وشجعت الحكومة أي عمل له علاقة بالشاي.
استمتع بقهوتك!