شراب الكابوتشينو

إذا كان لنا أن نقول بأن القهوة المخمرة أشبه بالنبيذ وقهوة الإسبرسو أقرب إلى خلق روح عميقة معقدة كالويسكي ، عندها يصبح بإمكاني القول بأن الكابوتشينو هي مزيجي المفضل من القهوة حيث يمتزج الاسبرسو والحليب، قد يبدو لك شيئاً عادياً تماماً كما تبدو لك تسمية (المارتيني) بهذا الإسم فقط لإحتوائه على النبيذ المُحلى وخمر (الفرمونث).

لطالما أحببت , ولعدة أسباب ومنذ فترة طويلة , بأن أكتب موضوعي عن الكابوتشينو ، طريقة تفكيري عن هذا المشروب تتغير مع مرور السنوات والدافع الحقيقي للكتابة تقف ورائها تلك الأنانية البريئة النقية في داخلي.لقد بات من السهل في هذا الوقت وهنا أخص بالحديث في مدينة لندن بأن تحصل على إسبرسو رائع , واذا كنت من محبي الإضافات إلى القهوة كالحليب فإن أفضل ما يمكنك الحصول عليه تلك الطبقة البيضاء من الرغوة في أعلى سطح القهوة ، منذ دخولي لعالم مستهلكي القهوة بت أشرب الكثير منها.

لم يكن الكابتشينو يشرب يوما بارداً ومنذ وقت طويل إلى الآن وقبل أن تقف تلك الكلمات التي تستحضر كل التغيرات الكريهة التي طرأت على المشروبات الأساسية ، تخمير الاسبرسو ، تلك الرغوة التي تتراقص في الأعلى والمغطاة بتلك الكاكاو الرخيصة ، لذيذة اليس كذلك؟

هناك خرافة ما زالت قائمة حول مشروب الكابوتشينو ، لا يرتبط اسم المشروب بثوب الراهب أو بالبقعة الصلعاء على رؤوسهم ، الإسم الأصلي للمشروب هو (كابوزاينر) مشروب من فيينا يعود إلى القرن التاسع عشر كان عبارة عن قهوة ممزوجة بالحليب أو الكريم المبيض يتم تخميره الى أن يصل لونه لأحد درجات اللون البني وبهذا يشبه ثوب الراهب الكابوتشيني. هذا يظهر بشكل أو بآخر قوة المشروب ، هل تفكر بشرب كابوتشينو تقليدي ؟ إذاً لا تفكر بعدها بضغط زر ماكينة الكابوتشينو.

هنا سأنتقل إلى خرافة محبطة أخرى عن الكابوتشينو الحديث الخرافة الغريبة تعود إلى قاعدة الأثلاث والتي بدورها توصف الكابوتشينو التقليدي صاحب الاسبرسو الثالث، الحليب الثالث والرغوة الثالثة ، لم أستغرق وقتا طويلاً لكي أدرك هذا. هل يمكننا القول بعدها أن إسبرسو واحد ذو 25 مل مقابل جرعة واحدة من الكابوتشينو تساوي بمجموعها 75 مل؟ هنا وما زلت أرى بعض أنواع الكابوتشينو يُكتب عليها أنها من النوع التقليدي مع العلم بأنها تحتوي على جرعتان من الكابوتشينو في كل كوب سعة ست أونصات سائلة ، هذا تحديداً يحقق شروط قاعدة الأثلاث .

من جهة أخرى في الخمس سنوات الأخيرة وإلى الآن لم أجد أي قصة أو إثبات يعترف بأن جرعتان من القهوة في كوب سعة ست أونصات سائلة يجعل من هذه القهوة تقليدية ، هذا يجعله أقل لذة – بل هو شراب لذيذ – ما أريد قوله أن كلمة تقليدي غير دقيقة الوصف ، هل يمكن لأحد أن يوصف 12 اونصة سائلة من الكابوتشنو تحتوي على جرعة واحدة من القهوة في قعر الكوب وتمتد لتصل الى اربعة اونصات تقليدية؟ لذا أنا لا أنصاع وغير متيم بالتقليدي ، أعتقد أنه يجب استخدام هذه الكلمة بشكل أفضل.

لدي العديد من كتب القهوة وقمت بقراءة العديد منها، المرجع الأول الذي توفر لدي لوصفات الكابوتشينو في الخمسينيات وصف الكابتشينو بأنها مزيج من الاسبرسو مع كمية متساوية من الرغوة والحليب ، قد تبدو لك هذه الجملة حَرفية لعدة مرات ،و أنا أرى بعض اللَبس في قول كمية متساوية من الحليب والرغوة أو ثلاثتهم متساويين (الرغوة- الحليب – الاسبرسو) لذا فإن وصفة 1:1:1 من السهل ان يكون المقصود بها 2:2:1.

الجرعة الواحدة ، الخمس أونصات السائلة من الكابوتشينو لها عُرف قديم وكان من السهل جداً الحصول عليها في إيطاليا وبعض الأماكن في أوروبا والتي لم تخضع إلى تلك الشريحة السخية كمحلات التجزئة ، إذا تم صنعها بالشكل الجيد تكون لذيذة تماماً.

لقد كنت مستاءاً قليلا من أنواع الكابوتشينو ، أشعر بالإحراج لصعوبة التفنن على سطح الكابوتشينو والتي يتم عملها بالحليب (مع الأخذ بعين الإعتبار أن طيلة عملي في مجال شركات القهوة لم يتم استخدام أكواب يفوق حجمها الست اونصات) منافسة الباريستا (الآخرين ممن يقدمون شتى أنواع القهوة) لم يكونوا عاملا مساعدا لي في لك.

لقد كنت مذنباً كالكثير من المنافسين حيث لم أتمكن من إبراز الست نكهات والتي تقع ضمن الأولوية من صندوق يحتوي بالأساس على 24 نكهة بشكل ظاهر (التفنن بالحليب على سطح القهوة أو إعداد التقليدي منها) ، كنت أسعى إلى تشكيل طبقة من الرغوة تبلغ سانتيمترا واحد ( كان هذا الأقل) ما يعني أني كنت أقوم بتخفيف الإسبرسو ، الأمر الذي جعلني في خارج نطاق المنافسة .

بدأت بالإستياء من الرغوة والكابتشينو أيضاً، عندما يقوم بعضهم بالشكوى لعدم وجود رغوة بالشكل اللازم لا أأبهه لذلك – كنت أعتقد أنه قد يكون بعيد عن المضمون أو يكون تقليد قديم أو ربما غطرسة شبابية …

هذا لا يعني أبداً أني سأبدأ الآن بوصف الكابتشينو المثالي (وإن كنت سوف أذكر أي نوعٍ أفضّل حالياً). سوف أتحدّث عن طريقة التقديم لدى كل فرد. أركّز على الاختلاف والتعاريف وغالباً ما ألحظ أن وصفات جميع أنواع الكابتشينو متشابهة جداً حين مقارنتها بالمشروبات الأخرى، وغالباً ما يكون المشروب ذاته وإن قدّمه في كل مرة طاقم عمل مختلف. هذا ينطبق على صناعة القهوة في أي مكان، أي مدينة، أو دولة، أو سلسلة.

بطريقةٍ غريبة، يغدو الأمر التماساً للرغوة. أحبّ الرغوة الكثيفة الغنية بالحليب. أحبّ أن أحصل على كمية مناسبة منها في كأس الكابتشينو خاصتي. لست خجلاً من هذا، رغم أن الشبّان الأصغر سني مني قد يبدو خجلاً حول الأمر. لا يهمني في الحقيقة إن كان ما سأجده فوق الكابتشينو خاصتي قلبٌ يشبه زهر التوليب. أحب سياسة شركة أنتلجينسيا Intelligentsia والتي تقول بأنه لا رسومات على الكابتشينو. فن اللاتيه أمرٌ جيد ولكن مبالغٌ به.

بنفورنا من الرغوة، أوجدنا أسوأ مستهلك. كل باريستا أعرفه يكره صنع كابتشينو “جاف”. تسعةٌ من بين كل عشرة أشخاص ممن يطلبون الكابتشينو، يجيبون حين يسألون إن كانوا يريدون الكابتشينو خاصتهم جافاً بأنهم ضاقوا ذرعاً من الحصول على قهوة بالحليب مع بعض الشوكولا في الأعلى. يريدون الحصول على كمية الرغوة التي يطلبون، وقد وجدوا أن الطريقة الوحيدة للحصول على كمية الرغوة التي يرغبون هي بأن يطلبوا الكابتشينو خاصتهم جافاً وإن كنت لا تصدقني فاسألهم. (لا تتحدّث إليهم وكأنك توجه اتهاماً ولكن أظهر بعض الإهتمام وسيكونون سعداء بإعطائك الإجابة).

إذاً، فوصفة الكابتشينو الحالية خاصتي. كن حذراً، إنها تحمل كل التفاصيل (ويمكنك إضافة بعض التعديلات) :

  • يُحضر ويقدّم في فنجان يبلغ حجمه 150 إلى 160 ملم من البورسلين ويبدو على شكل وعاء.
  • 15 أو 17 غراماً من الاسبريسو.
  • 80_ 90 غراماً من الحليب .

لن أقول بأن هذا هو الكابوتشينو المثالي فأمثال هذه التعليقات تثير غضبي. هذا ما أستمتع بتناوله، وأودّ حقاً أن أعرف ما رأي الناس في الأمر، كما أحبّ أن يخبروني عن الكابتشينو المفضّل خاصتهم. أشك بأن بعض الناس سترى في آرائي حول الكابوتشينو التقليدي هجوماً على قائمة المحل خاصتهم، العلامة التجارية خاصتهم، أو المتجر خاصتهم. ليس هذا هو الحال. كل ما آمله بأن هذه الأفكار ستؤدي إلى طرح نقاش.

هل تعانون من مشاكل مع الكابوتشينو خاصتكم ؟ أي هل لازلتم إلى الآن تبحثون عن نوع محدد ومذاق محدد ؟ ما هو أفضل نوع كابوتشينو قمتم بتذوقه ؟ شاركونا تجربتكم من خلال تعليقاتكم …